الدرس الخامس:
الحكم الشّرعي:
معنى الحكم الشرعي:
الحكم في اللغة: القضاء والأمر، ومنه قوله تعالى: ( إِنِ الحُكْمُ إِلَّا للهِ ) يوسف الآية 40. أي القضاء والأمر.
الحكم الشرعي في الاصطلاح: هو خطاب الله تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً.
شرح التعريف:
ـ خطاب الله: هو كلامه عز وجل أو ما يرجع إلى كلامه وهي السُنّة أو سائر الأدلة التي نصّبه الشارع لمعرفة حكمه.
ـ اقتضاء: وهو طلباً، سواء كان طلب الفعل أو طلب الترك، وسواء كان هذا الطلب على سبيل الإلزام أو على غير سبيل الإلزام.
ـ تخييراً: وهو التسوية بين فعل شيء أو عدم فعله ويسمّى كذلك بالإباحة.
ـ وضعاً: وهو جعل الشيء لشيء آخر، أو شرطاً له أو مانعاً منه...
أقسام الحكم الشّرعي:
ينقسم الحكم الشرعي إلى قسمين: الحكم التكليفي والحكم الوضعي. وسوف لا نتطرّق للحكم الوضعي لأنه غير مقرّر.
الحكم التكليفي:
معنى الحكم التكليفي: هو ما يقتضي طلب الفعل أو تركه أو التخيير فيه بين الفعل والترك.
أقسامه الحكم التكليفي: قسّم علماء أصول الفقه الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام وهي:
1) الواجب: ويسمّى الفرض وهو ما طلب المشرّع ( الله أو الرسول ) من المكلّفين فعله على سبيل الإلزام يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
مثال: قال الله تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) الإسراء الآية 23. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيّره.. ) رواه مسلم.
2) المندوب: ويسمّى المستحب وهو ما طلب المشرّع من المكلّفين فعله على سبيل غير الإلزام يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
مثال: قال الله تعالى: ( يَأَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنْتُم بِدَيْنٍ اِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) البقرة الآية 282. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ يوم الجمعة فبهاو نعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل ) رواه أبو داود.
3) المباح: هو ما ترك المشرّع للمكلّفين التخيير فيه، إن شاؤوا فعلوه وإن شاؤوا تركوه.
مثال: قال الله تعالى: ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُواْ فِي الاَرْضِ.. ) الجمعة الآية 10. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( وأحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلي.. ) متفق عليه.
4) المكروه: وهو ما طلب المشرّع من المكلّفين تركه على سبيل الإلزام يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
مثال: قال الله تعالى: ( يَأَيُّهَا الذِينَ آمُنُواْ لَا تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ اِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) المائدة الآية 101. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن أبغض الحلال عند الله الطلاق) رواه أبو داود.
5) الحرام: وهو ما طلب المشرّع من المكلّفين تركه على سبيل الإلزام يثاب تاركه ويعاقب فاعله.
مثال: قال الله تعالى: ( يَأَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالاَنْصَابُ وَالاَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة 90. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظنّ فإن الظنّ أكذب الحديث.. ) رواه البخاري.
الغاية من التكليف:
لاشك أن الإسلام لم يكلّف الإنسان إلا إذا توفّرت فيه شروط التكليف الكاملة، وهي:
ـ أن يكون الإنسان قادراً على فهم الكلام الموجّه إليه.
ـ أن يكون أهلاً لما كلّف به، أي عاقلاً وبالغاً ومستطيعاً.
* فالغاية من التكليف بعد هذه الشروط هي ضبط سلوك المكلّف وتوجيهه، لأن المكلّف يصلح لأداء الواجبات، فتصرفاته معتبرة تترتب عليها آثارها، ويؤاخذ بأقواله وأفعاله