كم من مهموم سبب همه أمر تافه لا يذكر.. فأغلب الناس همهم البطون و الصحون و الدور و القصور لم يرفعوا أبصارهم الى السماء، لم ينظروا أبدا الى النجوم. همّ أحدهم و مبلغ علمه : دابته و ثوبه و نعله و مأدبته، و انظر لقطاع هائل من الناس تراهم صباح مساء سبب همومهم خلاف مع الزوجة او الإبن ال القريب او سماع كلمة نابية او موقف تافه. هذه مصائب هؤلاء البشر ليس عندهم من المقاصد العليا ما يشغلهم، ليس عندهم من الإهتمامات الجلية ما يملأ وقتهم و قد قالوا: إذا خرج الماء من الإناء ملأه الهواء. إذا ففكر في الأمر الذي تهتم له و تغتم، هل يستحق هذا الجهد و هذا العناء لأنك أعطيته من عقلك و لحمك و دمك و راحتك ووقتك، و هذا غبن في الصفقة و خسارة هائلة ثمنها بخس، و علماء النفس يقولون: اجعل لكل شيئ حدّا معقولا و أصدق من هضا قوله تعالى قد جعل الله لكل شيء قدرا ) فأعط القضية حجمها ووزنها و قدرها و إياك و الظلم و الغلو.
هؤلاء الصحابة الأبرار همهم تحت الشجرة الوفاء بالبيعة، فنالوا رضوان الله، و رجل معهم أهمه جمله حتى فاته البيع، فكان جزاءه الحرمان و المقت.
فاطرح التوافه و الغشتغال بها، تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك، و عدت فرحا مسرورا.[/